الرؤية الباطلة و الرؤية الصادقة
الرؤية الباطلة سبعة أقسام
الأول : حديث النفس والهم والتمني والأضغاث
الثاني : الحلم الذي يـوجب الغسل لا تفسير له
الثالث : تحذير من الشيطان وتخويف وتهـويل ولا نصرة
الرابع : ما یریه سحرة الجن والإنس فيتكلفـون منها مثل ما يتكلفه الشيطان
الخامس : الباطلة التي يريها الشيطان ولا تعد من الرؤيا
السادس : رؤيا تريها الطبائع إذا اختلفت وتكدرت
السابع : الـوجع وهـو أن يرى الرؤيا صاحبها في زمن هـو فيه وقد مضت منه عشرون سنة ، وأصح الرؤيا البشرى ، وإذا كان السكـون والدعة واللباس الفاخر والأغذية الشهية الشافية صحت الرؤيا .
الرؤية الصادقة خمسة أقسام
الأول : الرؤيا الصادقة الظاهرة، وهي جزء من النبـوة لقـوله تعالى لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ [ الفتح : ۲۷ ].
وذلك أن رسـول الله لما سار إلى الحديبية رأى في المنام أنه دخل هـو وأصحابه رضي الله عنهم مكة آمنين غير خائفين يطـوفـون بالبيت وينحرون ويحلقـون رءوسهم ويقصرون، فبُشر صل الله عليه و سلم في المنام بِشارة من الله غیر صنع ملك الرؤيا و لا تفسير لها .
ومثل رؤيا إبراهيم عليه السلام في المنام في ذبح ولده کما حکی الله تعالی عنه بقـوله يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ [ الفتح : ۲۷ ].
وقال بعضهم : طـوبى لمن رأى الرؤيا صريحا ، لأن صريح الرؤيا لا يريه إلا الباري تعالی دون واسطة ملك الرؤيا .
الثاني : الرؤيا الصالحة بشرى من الله تعالى كما أن المكروهة زاجرة يزجرك الله بها، قال : «خیر ما یری أحدكم في المنام أن يرى ربه أو نبيه أو يرى أبـويه مسلمين». قالـوا: يا رسـول الله ! وهل يرى أحد ربه ؟ قال : «السلطان و السلطان هـو الله تعالی).
الثالث : ما يریکه ملك الرؤيا ، واسمه صديقـون على حسب ما علمه الله تعالی من نسخة أم الكتاب وألهمه من ضرب أمثال الحكمة لكل شيء من الأشياء مثلا معلـوما.
الرابع : الرؤيا المرمـوزة وهي من الأرواح ، ومثالها : أن إنسانا رأى في منامه ملكا من الملائكة قال له : إن امرأتك تريد أن تسقيك السم على يد صديقك فلان ، فعرض له من ذلك أن صديقه هذا زنی بامرأته ، وإنما دلت رؤياه على أن الزنی مستـور كما أن السم مستـور .
الخامس : الرؤيا التي تصح بالشاهد ويغلب الشاهد عليه ، فيجعل الشر خيرا والخير شرا ، كمن يرى أنه يضرب الطنبـور في المسجد فإنه يتـوب إلى الله تعالى من الفحشاء والمنكر ويفشـو ذكره، وكمن رأى أنه يقرأ القرآن في الحمام أو يرقص ، فإنه يشتهر في أمر فاحش ، أو بعـور؛ لأن الحمام مـوضع كشف العـورات ، ولا تدخله الملائكة كما كان الشيطان لا يدخل المسجد.
ورؤيا الحائض والجنب تصح لأن الكفار والمجـوس لا يرون الغسل ، وقد اعبر يـوسف عليه السلام رؤيا الملك وهـو كافر، ورؤيا الصبیان تصح لأن يـوسف عليه السلام كان ابن سبع سنين ، فرأى رؤيا فصحت ، وقال دانیال عليه السلام : اسم الملك المـوكل بالرؤيا صديقـون ، ومن شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ، فهـو الذي يضرب الأمثال للآدميين فيريهم بضياء الله تعالى من علم غيبه في اللـوح المحفـوظ ما هـو كائن من خير أو شر، ولا يشتبه عليه شيء من ذلك ، ومثل هذا الملك كمثل الشمس إذا وقع نـورها على شيء أبصرت ذلك الشيء به ، كذلك يعرفك هذا الملك بضياء الله تعالى معرفة كل شيء ، ويهديك ويعلمك ما يصيبك في دنياك وآخرتك من خير أو شر ، ويبشرك بخير قدمته أو تقدمه ، وينذرك بمعصية قد ارتكبتها أو تريد ارتكابها ، فإذا أراك رؤيا منذرة فإنها تخرج في وقت تراها لئلا تكـون مغمـوما ، وإذا أراك حسنة فإنها تخرج بعد ذلك بأيام لتكـون في نعمة وسرور ، وأصدق الرؤيا ما كان بالأسحار، وأصدق الرؤيا بالنهار، و قال جعفر الصادق رضي الله عنه : أصدقها القيلـولة ، وقال المعبرون من المسلمين : الرؤيا يراها الإنسان بالروح ويفهمها بالعقل ، ومستقر الروح نقطات دم في وسط القلب ، ومستقر القلب في رسـوم الدماغ ، والروح معلق بالنفس ، فإذا نام الإنسان امتد روحه مثل السراج أو الشمس ، فيرى بنـور الله و ضيائه تعالى ما يريه ملك الرؤيا وذهابه ورجـوعه إلى النفس مثل الشمس إذا غطاها السحاب وانكشف عنها ، فإذا عادت الحـواس باستيقاظها إلى أفعالها ذكر الروح ما أراه ملك الرؤيا وخيل له .
و قال بعضهم : إن الحس الروحاني أشرف من الحس الجسماني، لأن الروحاني دال على ما هـو كائن ، و الجسماني دال على ما هـو مـوجـود ، واعلم أن تربة كل بلد تخالف غيرها من البلاد لاختلاف الماء والهـواء والمكان ، فلذلك يختلف تأويل كل طائفة من المعبرين من أهل الكفر و الإسلام لاختلاف الطبائع والبلدان.