الباب السادس والخمسون في أنواع المعاملات الجارية بين الناس* كالبيع والرهن والاجارة والشركة والوديعة والعارية والقرض والضمان والكفالة وقضاء الدين واداء الحق والامهال
@البيع يختلف في التأويل بحسب اختلاف المبيع
@-ومن رأى كأنه يباع أو ينادي عليه فإنه ان كان مشتريه رجلا ناله هم وان اشترته امرأة أصاب سلطانا أو عزا وكرامة وكل ما كان ثمنه أكثر كان أكرم وانما قلنا إن البيع في الرؤيا يقتضي اكرام المبيع لقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام {وقال الذي اشتراه من مصر لامراته اكرمي مثواه} وكل ما كان شرا للبائع كان خيرا للمبتاع وما كان خيرا للبائع فهو شر للمبتاع وقيل إن البيع زوال ملك والبائع مشتر والمشتري بائع والبيع ايثار على المبيع فإن باع ما يدل على الدنيا آثر الآخرة عليها وان باع ما يدل على الآخرة آثر الدنيا عليها وإلا استبدل حالا بحال على قدر المبيع والثمن وبيع الحر ذلته وحشن عاقبته لقصة يوسف عليه السلام
(وأما الرهن) فمن رأى كأنه رهينة في موضع فإن رؤياه تدل على أنه اكتسب ذنوبا كثيرة لقوله تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة} وقيل ان المرهون مأمور فإن رأى كأنه رهن عنده رهن فإنه يظلم في شئ ويبخس حقه ثم يصل الى حقه بسبب الراهن الذي رهن عنده الرهن والمرهون مأسور بذنب او دين عند المرتهن وكذلك الراهن حتى يفك رهنه
(واما الاجارة) فإن المستأجر رجل يخدع صاحب الاجارة ويغره ويحثه على أمر مضطرب وإذا انخدع له تبرأ منه وتركه في الهلكة
(وأما الشركة) فهي دليل على الانصاف فمن رأى كأنه شارك رجلا فإن كل واحد منهما ينصف صاحبه في أمر يكون بينهما فإن رأى كأنه شارك شيخا مجهولا فإنه جده ويدل على أنه ينال انصافا في تلك السنة ممن كانت بينه وبينه معاملة وان رأى كأنه شارك شابا مجهولا فإنه يجد من عدوه الانصاف مع خوفه من بليته وظلمه وأذيته
(وأما الوديعة) فمن رأى كأنه أودع رجلا سره فإنه سره وقيل ان المودع غالب والمودوع مغلوب وأما العارية فمن رأى كأنه استعار شيئا أو اعاره فإن كان ذلك الشئ محبوبا فإنه ينال خيرا لا يدوم فإن كان مكروها أصابته كراهية لا تدوم وذلك ان العارية لا بقاء لها وقيل من استعار من رجل دابة فإن المعير يحتمل مؤنة المستعير
(وأما القرض) فمن رأى أنه يقرض الناس لوجه الله تعالى فإنه ينفق مالا في الجهاد لقوله تعالى {ان تقرضوا الله} الآية وأما الضمان فمن رأى كأنه ضمن عن انسان شيئا لرجل فإنه يعلمه أدبا من آداب ذلك الرجل
(وأما الكفالة) فقد قيل انها تجري مجرى القيد في التأويل وتدل على الثبات في الأمور وسواء في ذلك الكافل والمكفول وقيل من تكفل لانسان فقد أساء اليه فإن رأى كان انسانا تكفل به فإنه يرزق رزقا جليلا لقوله تعالى {وكفلها زكريا} الآية فإن رأى كأنه تكفل صبيا فإنه ينصح عدوا لقوله تعالى {يكفلونه لكم وهم له ناصحون}
(وأما قضاء) الدين فمن رأى كأنه قضى دينا أو أدى حقا فإنه يصل رحما أو يطعم مسكينا وييسر عليه أمر متعذر من أمور الدين أو أمور الدنيا وقيل ان اداء الحق رجوع عن السفر كما أن الرجوع عن السفر اداء للحق
(وأما الامهال) فيدل على العذاب لقوله تعالى {فمهل الكافرين أمهلهم رويدا} وان رأى كأنه أمهل رجلا في غضب فإنه يعذبه عذابا شديد.