وأما تغيير الاسم فمن رأى كأنه يدعى بغير اسمه فإن دعي باسم قبيح فإنه يظهر به عيب فاحش أو مرض فادح فإن دعى باسم حسن مثل محمد أو علي أو سعيد نال عزا وشرفا وكرامة على حسب ما يقتضيه معنى ذلك الاسم وأما تزكية المرء نفسه فإنها تدل على اكتسابه
اثما لقوله تعالى {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} فإن رأى كأن شابا مجهولا يزكيه فإنه يصيب ذكرا حسنا جميلا في عامة الناس وإن كان الشيخ والشاب معروفين نال بسببهما رياسة وعزا واما الملق فمن رأى كأنه يتملق انسانا في شئ من متاع الدنيا فذلك مكروه وإن رأى كأنه يتملق له في علم يريد أن يعلمه اياه وعمل من أعمال البر يستعين به عليه فإنه ينال شرفا ويصح دينه ويدرك طلبته لما روى في الآثار ان الملق ليس من أعمال المؤمن إلا في طلب العلم وقيل ان الملق لمن تعود ذلك في أحواله غير مكروه في التأويل ولمن يتعود ذلك ذلة ومهانة واما التوديع فمن رأى كأنه يودع امرأته فإنه يطلقها وقيل ان التوديع يدل على مفارقة المودع بموت أو غيره من أسباب الفراق ويدل على افتراق الشريكين وعزل الوالي وخسران التاجر وقال بعضهم ان التوديع محبوب في التأويل وهو يدل على مراجعة المطلقة ومصالحة الشريك وربح التاجر وعود الولاية إلى الوالي وبرء المريض وذلك لأنه من الوداع ولفظه يتضمن الوداع وهو الدعة والراحة وأيضا فإن الوداع إذا قلب صار عادوا وأنشد:
إذا رأيت الوداع فافرح * ولا يهمك البعاد
وانتظر العود عن قريب * فإن قلب الوداع عادوا
وأما التواري فقد اختلفوا في تأويله فمنهم من قال ان من رأى أنه توارى فإنه تولد له بنت لقوله تعالى {يتوارى من القوم} وقال بعضهم من رأى كأنه توارى في بيت فإنه يفر لقوله تعالى {إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا} وأما النورة فقد حكي ان قتيبة ابن مسلم رأى بخراسان كأنه نور جسده فحلقت النورة الشعر حتى انتهت الى عورته فلم تحلقها فرفعت رؤياه الى ابن سيرين فقال انه يقتل ولا يوصل الى عورته يعني حرمه فكان الأمر كما عبر والتنور في موضع السنة إذا ذهب بشعر العانة دليل على الفرج فإذا لم يذهب بشعر العانة فدليل ركوب الدين وزيادة الحزن وأما التهاون فمن رأى في منامه كأنه تهاون بمؤمن في دينه يختل ويقنط من رجل يرجوه هو وتستقبله ذلة
@-ومن رأى كأنه غيره تهاون به وكان شابا مجهولا ظفر بعدوه وإن تهاون به شيخ مجهول افتقر لأنه جده وأما التمطي فملالة من أمر أو كسل في عمل وأما الحراسة فإن رأى غيره يحرسه فإنه يقع في محنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما دام أصحابه يحرسونه كان في محنة فلما فرج الله تعالى عنه قال لأصحابه ارجعوا فقد عصمني الله فإن رأى كأنه يحرس غيره كيلا يظلم فإنه يأمن شر الشيطان لما روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة أعين لا تمسها النار عين حرست في سبيل الله. والنار في التأويل سلطان وقيل ان حارس الغير يرزق الجهاد لهذا الخبر الذي رويناه وأما الحطب فمن رأى أنه يحتطب في الأرض فإنه يكون مكثارا نماما لقوله تعالى {وامرأته حمالة الحطب} يعني النميمة وروي عنه عليه السلام انه قال: المكثار كحاطب الليل. وأما الحفر فمن حفر ارضا وكان التراب يابسا سال بقدره مالا وان كان رطبا فإنه يمكر بانسان لأجل ما يناله من ذلك المكان تعب بقدر رطوبة التراب وأما الحلف ففي الأصل دليل الغرور والخداع لقوله تعالى {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور} وقوله {يحلفون له كما يحلفون لكم} والحلف الصادق ظفر وقول حق لقوله تعالى {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} والحلف الكاذب خذلان وذلة وارتكاب معصية وفقر لقوله تعالى {ولا تطع كل حلاف مهين} ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: قال اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع. وأما الدغدغة فمن رأى كأنه يدغدغ رجلا فإنه يحول بينه وبين حرفته. وأما الذرع فمن ذرع ثوبا بشبره أو أرضا أو خيطا فإنه يسافر سفرا بعيدا فإن مسحه بعقد أصبع فإنه يتحول من محله وأما رعى النجوم فإنه يدل على ولاية وأما الرحمة فمن رأى كأنه يرحم ضعفا فإن دينه يقوى ويصح لقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا فليس منا. فإن رأى كأنه مرحوم فإنه يغفر الله له فإن رأى كأن رحمة الله تنزل عليه نال نعمة لقوله تعالى {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} وهي النعم فإن رأى كأنه رحيم فرح فإنه يرزق حفظ القرآن لقوله تعالى {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} قالوا الرحمة هنا القرآن وأما السؤال فمن رأى أنه يسأل فإن يطلب العلم ويتواضع لله ويرتفع وأما الشغل فمن رأى كأنه مشغول فإنه يتزوج بكرا ويفترعها لقوله تعالى {إن أصحاب الجنة في شغل فاكهون} قالوا هو افتضاض الأبكار والشفاعة قيل إنها تدل على غش وقيل إنها تدل على عز وجاه فإنه لا يشفع من لاجاه له وأما صوت الزنبور فمواعيد من رجل طعان دنئ لا يتخلص منه دون أن يستعين برجل فاسق وأما صوت الدراهم فكلام حسن يسمعه من موضع يحب استزادته فإن كانت زيوفا فمنازعة في عداوة ولا يحب قطع الكلام وأما ضفر الشعر فجيد للنساء ولمن اعتاد ذلك من الرجال وردئ لغيرهم وأما الطول فمن رأى كأنه طال فإنه يزيد في علمه وماله وان كان صاحب الرؤيا سلطانا وكان حسن السيرة فيه وان كان تاجرا ربحت تجارته لقوله تعالى {وزاده بسطة في العلم والجسم} وإن كان صاحب الرؤيا امرأة دلت رؤياها على اليتم والولادة وأما الطلب فمن رأى كأنه يطلب شيئا فإنه ينال مناه لما قيل من طلب شيئا ناله أو بعضه
@-ومن رأى كأن أحدا يطلبه فإنه هم يصيبه وأما العلو فمن رأى كأنه يريد أن يعلو على قوم فعلا فإنه يستكبر ثم يذل لقوله تعالى {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} وان رأى كأنه لا يريد العلو نال رفعة وسرورا وأما العفو فمن رأى كأنه عفا عن ذنبا فإنه يعمل عملا يغفر الله تعالى به لقوله تعالى {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم}
@-ومن رأى كأنه غيره عفا عنه طال عمره ونال رفعة وأما العظم فمن رأى كأنه عظم حتى صارت جثته أعظم من هيئة الناس فإنه دليل موته وأما العمل الناقص فيدل على الاياس من المرجوع ووقوع الخلل في الرياسة وأما العقد فهو على القميص عقد تجارة وعلى الحبل صحة دين وعلى المنديل إصابة خادم وعلى السراويل تزوج امرأة وعلى الخيط إبرام أمر هو فيه من ولاية أو تزويج أو تجارة فإن انعقد الخيط تيسر ما يطلبه وإن لم ينعقد تعسر مرامه وتعذر مطلوبه فإن رأى كأن العقدة وقعت على شئ من هذه الأشياء من غير أن عقدها فإنها تدل على ضيق وغم من قبل السلطان فإن رأى كأن غيره فتحها كان ذلك لغير سبب فرجه عنه فإن رأى كأنه فتحها بعد جهد فإنه ينجو من ذلك بعد جهد وان راى كأنها انفتحت بنفسها فإن الله تعالى يفرج عنه من حيث لا يحتسب وأما العدد فيختلف باختلاف المعدود فإن رأى كأنه يعد دراهم فيها اسم الله فهو يسبح وان رأى كأنه يعد دنانير فيها اسم الله تعالى فإنه يستفيد علما فإن راى فيها نقش صورة فإنه يشتغل بأباطيل الدنيا وان رأى كأنه يعد لؤلؤا فإنه يتلو القرآن فإن راى كأنه يعد جواهر فإنه يتعلم العلم أو يدرسه فإن رأى كأنه يعد خرزا فإنه مشتغل بمالا يعنيه فإن راى كأنه يعد بقرات سمانا فإنه تمضي عليه سنون خصبة فإن رأى كأنه يعد جمالا وحمولا فإن كان له سلطان أفاد من أعدائه مالا قيمته توافق تلك الحمول وان كان دهقانا أمطر زرعه وان كان تاجرا نال ربحا كثيرا فإن رأى كأنه يعد جاورسا فإنه يقع في شدة وتعب في معيشته وكذلك العدد في كل شئ سواه يرجع الى جوهره والعجب في التأويل ظلم فمن رأى أنه أعجب بنفسه أو بغناه أو بقوته فإنه يظلم وأما عتق العبد فهو موت المعتق فإن رأى حرا كأنه أعتق فإنه يضحي عن نفسه أو يضحي غيره عنه وإن كان صاحب الرؤيا مريضا نال العافية وإن كان مديونا وجد قضاء ديونه والعجل في التأويل ندامة كما أن الندامة عجلة والعلم اتصال ببعض العلوية فمن رأى أنه أصاب علما فإنه يتزوج بعلوية لقوله صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلى بابها. وأما العتاب فيدل على المحبة وأنشد:
إذا ذهب العتاب فليس ود * ويبقى الود ما بقي العتاب
فإن راى كأنه يعاتب نفسه فإنه يعمل عملا يندم عليه ويلوم على نفسه لقوله تعالى {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} وأما غزل المرأة فقد بلغنا عن ابن سيرين ان امرأة اتته فقالت رأيت امرأة تغزل القطران فعجبت منها فقال وما يعجبك من هذا ونقضه أهون من ابرامه وقال هذه امراة كان لها حق فتركته لصاحبه ثم رجعت فيه قالت صدقت كان على زوجي صداق فتركته في حياته ثم لما مات أخذته من ميراثه فإذا رأت المرأة كأنها تغزل وتسرع الغزل فإن غائبا لها يقدم وإن رأت كأنها تبطئ الغزل فإنها تسافر ويسافر زوجها فإن انقطعت فلكة المغزل انتقض تدبير السفر وانتقض تدبير الغائب للرجوع فإن رأى كأنها تغزل سحابا فإنها تسعى الى مجالس الحكمة فإن رأت كأنها تغزل قطنا فإنها تخون زوجها وإن رأى رجل كأنه يغزل قطنا أو كنانا وهو في ذلك يتشبه بالنساء فإنه ينال ذلا ويعمل عملا جليلا فإن كان الغزل دقيقا فإنه عمل بتقتير وإن كان غليظا فإنه سفر في نصب وتعب واما غسل اليدين بالأشنان فإنه يدل على قطع الصداقة ويدل على انقطاع الخصومة وقيل أنه نجاة من الخوف وقيل انه اياس من مرجو وقيل انه توبة من الذنوب واما فعل الخير فمن رأى كأنه يعمل خيرا فإنه ينال مالا فإن رأى كأنه أنفق مالا في طاعة الله فإنه يرزق مالا لقوله تعالى {وما تنفقوا من خير يوف اليكم}