الباب السابع والخمسون في رؤيا المنازعات والمخاصمات وما يتصل بها من البغي والبغض والتهدد والجور والحسد والخداع والخصومة والنقب والرفس والضرب والخدش والرضخ والرجم والسب والسخرية والصفع والعداوة والغيبة والغيظ والغلبة واللطم والمقارعة والمصارعة والذبح
@أما البغض فغير محمود لأن المحبة نعمة من الله تعالى والبغض ضدها وضد النعمة الشدة وقد ذكر الله تعالى منته على المؤمنين برفع العداوة الثبتة بينهم بمحبة الإسلام فقال الله تعالى {إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا} والبغي على الباغي والمبغى عليه منصور لقوله تعالى {انما بغيكم على أنفسكم} وقال تعالى {ثم بغي عليه لينصرنه الله} والتهدد ظفر للمتهدد بالمتهدد وأمن له وأمان
@-ومن رأى كأن بعض الناس يجور على بعض فإنه يتسلط عليهم سلطان جائر وأما الحسد فهو فساد للحاسد وصلاح للمحسود وأما الخداع فإن الخادع مقهور والمخدوع منصور لقوله تعالى {وان يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله} والخصومة المصالحة فمن رأى أنه خاصم خصما صالحه والخيانة هي الزنا والنقب في البيت مكر فإن رأى كأنه نقب في بيت وبلغ فإنه يطلب امرأة ويصل اليها بمكر فإن رأى كأنه نقب في مدينة فإنه يفتش عن دين رجل عالم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلى بابها.فان رأى كأنه نقب في صخرة فانه يفتش عن دين سلطان قاس وأما الرفس فمن رأى كأن رجلا يرفسه برجله فانه يعيره بالفقر ويتصلف عليه بغناه وأما الضرب فانه خير يصيب المضروب على يد الضارب إلا أن يرى كأنه يضربه بالخشب فانه حينئذ يدل على انه يعده خيرا فلا يفي له به
@-ومن رأى كأن ملكا يضربه بالخشب فانه يكسوه وإن ضربه على ظهره فانه يقضى دينه وإن ضربه على عجزه فانه يزوجه وإن ضربه بالخشب أصابه منه ما يكره وقيل إن الضرب يدل على التغيير وقيل إن الضرب وعظ
@-ومن رأى كأنه يضرب رجلا على رأسه بالمقرعة وأثرت في رأسه وبقي أثرها عليه فانه يريد ذهاب رئيسه فان ضربه في جفن عينه فانه يريد هتك دينه فان قلع أشفار جفنه فانه يدعوه إلى بدعة فان ضرب جمجمته فانه قد بلغ في تغييره نهايته وينال الضارب بغيته فان ضربه على شحمة أذنه أو شقها أو خرج منها دم فانه يفترع ابنة المضروب وقيل ان كل عضو من أعضائه يدل على القريب الذي هو تأويل ذلك العضو وقال بعض المعبرين ان الضرب هو الدعاء فمن رأى أنه يضرب رجلا فانه يدعو عليه فان ضربه وهو مكتوف فانه يكلمه بكلام سوء ويثني عليه بالقبيح والخدش والطعن والكلام وأما الرضخ فمن رأى كأنه يرضخ رأسه على صخرة فانه ينام ولا يصلى العتمة لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الرجم فمن رأى كأنه يرجم انسانا فانه يسب ذلك الانسان وأما السب فهو القتل وأما السخرية فهي الغبن فمن رأى كأنه سخر به فانه يغبن وأما الصفع إذا كان على جهة المزاج فاتخاذ يد عند المصفوح وأما العداوة فمن رأى كأنه يعادي رجلا فانه يظهر بينهما مودة لقوله تعالى {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة} والغيبة راجعة بمضرتها إلى صاحبها فان اغتاب رجلا بالفقر ابتلى بالفقر وان اغتابه بشئ آخر ابتلى بذلك الشئ وأما الغيظ فمن رأى كأنه مغتاظ على انسان فان أمره يضطرب وماله يذهب لقوله تعالى {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا} فان غضب على انسان من أجل الدنيا فانه رجل متهاون بدين الله وإن غضب لأجل الله تعالى فانه يصيب قوة وولاية لقوله تعالى {ولما سكت عن موسى الغضب} الآية وأما الغالب في النوم فمغلوب في اليقظة واما اللطم فمن رأى كأنه يلطم انسانا فانه يعظه وينهاه عن غفلة واما المقارعة فمن رأى كأنه يقارع رجلا فأصابته القرعة فانه يظفر به ويغلبه في أمر حق فان وقعت القرعة ناله هم وحبس ثم يتخلص لقوله تعالى {فساهم فكان من المدحضين} وأما المصارعة فان اختلف الجنسان فالصارع أحسن حالا من المصروع كالإنسان والسبع فان كانت المصارعة من رجلين فالصارع مغلوب وأما الذبح فعقوق وظلم.