السـوق: تدل على المسجد كما يدل المسجد على السـوق لأن كليهما يتجر فيه ويربح، وقد يدل على ميدان الحرب الذي يربح فيه قـوم ويخسر فيه قـوم وقد سمى الله تعالى الجهاد تجارة في قـوله " هل أدلكم على تجارة تنجيكم ".
فأهل الأسـواق يجاهدون بعضهم بعضاً بأنفسهم وأمـوالهم، وربما دلت على مكان فيه ثواب أجر وربح كدار العلم والرباط ومـوسم الحج، ومما يباع في السـوق يستدل على ما يدل عليه، وكل ذلك ما كانت السـوق مجهـولة فسـوق اللحم أشبه شيء بمكان الحرب ما يسفك فيه من الدماء وما فيه من الحديد، وسـوق الجـوهر والبز أشبه شيء بحلق الذكر ودور العلم، وسـوق الصرف أشبه شيء بدار الحاكم لما فيها من تصاريف الكلام والـوزن والميزان، فمن رأى نفسه في سـوق مجهـولة قد فاتته فيها صفقة أو ربح في سلعة، فإن كان في اليقظة في جهاد فاتته الشهادة وولى مدبراً، وإن كان في حج فاته أو فسد عليه، وإن كان طالباً للعلم تعطل عنه أو فاته فيه مـوعداً وطلبه لغير الله، وإن لم يكن في شيء من ذلك فاتته الصلاة الجماعة في المسجد.
ومن رأى أنه يسرق في سـوقه في بيعه وشرائه، فإن كان مجاهداً غل، وإن كان حاجاً محرماً اصطاد أو جامع أو تمتع، وإن كان عالماً ظلم في مناظرته أو خان في فتاويه وإلا رأى بصلاته أو سبق إمامه فيها بركـوعه أو سجـوده أو لم يتم هـو ذلك في صلاة نفسه لأن ذلك أسـوأ السرقة كما في الخبر.
وأما السـوق المعروفة، فمن رآها عامرة بالناس أو رأى حريقاً وقع فيها أو ساقية صافية تجري في وسطها أو كان التبن محشـواً في حـوانيتها أو ريحاً طيبة تهب من خلالها درت معيشة أهلها وأتتهم أرباح وجاءهم نفاق.
وإن رأى أهل السـوق في نعاس أو الحـوانيت مغلقة أو كان العنكبـوت قد نسج عليها أو على ما يباع كان فيها كساد أو نزلت بأهلها عطلة.
وإن رأى سـوقاً انتقلت انتقلت حالة المنتقل إلى جـوهر ما انتقلت إليه كسـوق البز ترى القصابين فيه، فإنه يكثر أرباح البزازين في افتراق المتاع وخروجه.
وإن رأى فيه أصحاب الفخار والقلال قلت أرباحهم وضعفت مكاسبهم.
وإن رأى فيه أصحاب هرائس ومقالي نزلت فيه محنة إما عن حريق أو نهر أو هدم أو نحـوه، وقيل السـوق الدنيا واتساع السـوق اتساع الدنيا، وقيل السـوق تدل على اضطراب وشغب بسبب من يجتمع إليها من العامة، فأما من تعيش من السـوق، فإنه دليل خير إذا رأى فيها خلقاً كبيراً أو شغلاً فأما إذا كانت السـوق هادئة دلت على بطالة السـوقيين.
والحانـوت: يدل على كل مكان يستفيد المرء فيه فائدة في دنياه وأخراه كبستانه وفدانه ونخلته وشجرته وزوجته ووالده ووالدته أو كتابه من قـول العامة لمن اعتمد مكاناً للفائدة جعله حانـوته، فمن رأى حانـوته انهدم، فإن كان والده مريضاً مات لأن معيشته منه، وإن كانت أمه مريضة هلكت لأنها كانت تربيه بلبنها وتقـويه بعيشها، وكانت زوجته حاملاً أو سقيمة ماتت لأنها دنياه ولذته ومتعته، ومن في بطنها ماؤه وولده الذي هـو في التأويل ماله، فإن لم يكن شيء من ذلك تعذرت عليه معيشته وتعطلت عليه الأماكن التي بها قـوامه.
ومن رأى أنه يكسر باب حانـوت، فإنه يتحـول منه.
وإن رأى أبـواب الحـوانيت مغلقة نالهم كساد في أمتعتهم وانغلاق في تجارتهم.
وإن رأى أبـوابها مسدودة ماتـوا وذهب ذكرهم.
وإن رآها مفتحة تفتح عليهم أبـواب التجارة.
الخان والفندق: فندق الرجل يدل على ما تدل عليه داره من جسمه ومجده وإسمه وذكره وحمامه وفرنه ومجلس قضائه فما جرى عليه عاد عليه، وأما المجهـول منها فدال على السفر لأنه منزلهم، وربما دل على دار الدنيا لأنها دار سفر يرحل منها قـوم وينزل آخرون، وربما دل على الجباية لأنها منزل من سافر عن بيته وخرج عن وطنه إلى غير بلاده وهـو في حين غربته إلى أن يخرج منها مع صحابته وأهل رفقته، فمن رأى كأنه دخل في فندق مجهـول مات إن كان مريضاً أو سافر إن كان صحيحاً أو انتقل من مكان إلى مكان، فأما من خرج من فندق إلى فندق فركب دابة عند خروجه أو خرج بها من وسطه نظرت إلى حاله، فإن كان مريضاً خرج محمـولاً، وإن كان في سفر تحرك منه وسافر عنه، وكذلك إن رأى رفقة نازلة في فندق مجهـول ركباناً أو خرجـوا منه كذلك، فإنه يكـون وباء في الناس أو الرفاق كما تقدم، أو يخرج بفرق بين الأمرين بأهل الرفقة وأحـوالهم في اليقظة ولما لهم ومعروفهم ومجهـولهم وبرهم ومراكبهم.
السجن: يدل على ما يدل عليه الحمام، وربما دل على المرض المانع من التصرف والنهـوض، وربما دلت على العقلة عن السفر، وربما دل على القبر، وربما دل على جهنم لأنها سجن العصاة والكفرة ولأن السجن دار العقـوبة ومكان أهل الجرم والظلم، فمن رأى نفسه في سجن، فانظر في حاله وحال السجن، فإن كان مريضاً والسجن مجهـولاً فذلك قبره يحبس فيه إلى القيامة، وإن كان السجن معروفاً طال مرضه ورجيت إفاقته وقيامه إلى الدنيا التي هي سجن لمثله لما في الخبر إنها سجن المؤمن وجنة الكافر، وإن كان المريض مجرما فالسجن المجهـول قبره والمعروف دالة على طـول إقامته في علته ولم ترج حياته إلا أن يتـوب أو يسلم في مرضه.
وإن رأى ميتاً في السجن، فإن كان كافراً فذاك دليل على جهنم، وإن كان مسلماً فهـو محبـوس عن الجنة بذنـوب وتبعات بقيت عليه، وأما الحي السليم إذا رأى نفسه في سجن، فانظر أيضاً إلى ما هـو فيه، فإن كان مسافراً في بر أو سفينة أصابته عقلة وعاقة بمطر أو رياح أو عدو أو حرب أو أمر من سلطان، وإن لم يكن مسافراً دخل مكاناً يعصي الله فيه كالكنيسة ودار الفكر والبدع أو دار زانية أو خمار كل إنسان على قدره، وما في يقظته مما ينكشف عند المسألة أو يعرف عنه بالشهرة أو بزيادة منامه من كلامه وأفعاله في أحلامه، وقيل من رأى أنه اختار لنفسه، فإن إمرأة تراوده عن نفسه والله يصرف عنه كيدها ويبلغه مناه لقـوله تعالى " رب السجن أحب إلي مما يدعـونني إليه ".
وحكي أن سابـور بن أردشير في حياة والده رأى كأنه يبني السجـون ويأخذ الخنازير والقردة من الروم فيدخلها فيه وكان عليه أحد وثلاثون تاجاً فسأل المعبر عنه، فقال: تملك إحدى وثلاثين سنة، وأما بناء السجـون فبعددها تبني مدائن وتأخذ الروم وتأسر منهم، فكان كذلك، كأنه بعد مـوت أبيه أخذ ملك الروم وبنى مدينة نيسابـور ومدينة الأهـواز ومدينة ساوران.
المزبلة: هي الدنيا وبها شبهها رسـول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف عليها، والزبل الماء لأنه من تراب الأرض وفضـول ما يتصرف الخلق فيه ويتعيشـون به من عظام وخزف ونـوى وتبن ونحـو ذلك مما هـو في التأويل أمـوال، فمن رأى نفسه على مزبلة غير مسلـوكة، فانظر إلى حاله وإلى ما يليق به في أعماله، فإن كان مريضاً أو خائفاً من الهلاك بسبب من الأسباب بشرته بالنجاة أو بالقيام إلى الدنيا المشبهة بالمزبلة، وإن رأى ذلك فقير استغنى بعد فقره وكسب أمـوالاً بعد حاجته، وإن كان له من يرجـو ميراثه ورثه لأن الزبل من جمع غيره، ومن غير كسبه.
والمزبلة مثل مال مجمـوع من ههنا، ومن ههنا بلا ورع ولا نحر لكثرة ما فيها من التخليط والأوساخ والقاذورات، وإن كان أعزب تزوج، وكان الأزبال شـوارها وقشها المقشش من كل ناحية والمشترى من كل مكان والمستعار من كل دار، فإن لم تكن ذلك فالمزبلة دكانه وحانـوته ولا يعدم أن يكـون صرافاً أو خماراً أو سفاطاً أو من يعامل الخدم والمهنة كالفران، وإن كان يليق به القضاء والملك والجباية والقبض من الناس ولي ذلك وكانت الأمـوال تجيء إليه والفـوائد تهدى إليه والمغارم والمـواريث لأن الزبل لا يؤتى به إلى المزبلة إلا من بعد الكنس.
والكنس دال على الغرم وعلى الهلاك والمـوت، وربما كانت المزبلة للملك بيت ماله وللقاضي دار أمينة وصاحب ودائعه، وأما من يقرأ فـوق مزبلة، فإن كان والياً عزل، وإن كان مريضاً مات، وإن كان فقيراً تزهد وافتقر.
الطرق الجادة: الطريق هـو الصراط المستقيم والصراط هـو الدين والاستقامة، فمن يسلك فيه فهـو على الطريق المستقيم ومنهاج الدين وشرائع الإسلام ومتمسك بالعروة الـوثقى من الحق، فإن ضل الطريق فهـو متحير في أمر نفسه ودينه.
وإن رأى أنه يمشي مستـوياً على الطريق، فإنه على الحق، فإن كان صاحب دنيا، فإنه يهدي إلى تجارة مربحة.
وقال أبـو مـوسى الأشعري رضي الله عنه: رأيت كأني أخذت جـواد كثيرة فاضمحلت حتى بقيت جادة واحدة فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل فإذا رسـول الله صلى الله عليه وسلم فـوقه إلى جنبه أبـو بكر رضـوان الله عليه قلت: إنا لله وإنا إليه راجعـون.
وأما الطريق المضلة: ضلالة لسالكها، فإن استرشد وأصاب عاد إلى الحق.
والطريق الخفي: غرور وبدعة.
والطريق المنعرج: إنحراف في المذاهب والأعمال.
وأما السراب: فمن رأى سراباً، فإنه يسعى في أمر قد طمع فيه لا يحصل له منه مقصـود لقـوله تعالى " كسراب بقيعة ".
بئر الكنيف: تدل على المطمـورة وعلى المخزن وعلى الكيس لما فيها من العذرة الدالة على المال فمن كنسها ورمى بما فيها من العذرة باع ما عنده من السلع الكاسدة أو بعث بماله في سفر أو عامل به نسيئة إن كان ذلك شأنه إذا حمل فيها في الجرار، وإن صب في القناة أو وجدها لا شيء فيها ذهب ماله ودناه فقره، وإن كان فقيراً ذهب همه ونقص حزنه حزن الفقر لكنسها عند إمتلائها في يقظته، وقد يدل على الدين، فإن كان مديـوناً قضى دينه لأنها حش.
وإن رأى أنه بال فيها لبناً أو عسلاً أتى دبراً حراماً إن كانت مجهـولة، وإن كانت في داره صنع ذلك مع أهله.
الجبانة: تدل على الآخرة لأنها ركابها وإليها يمضي بمن وصل إليها وهي محبس من وصل إليها، وربما دلت على دار الرباط والنسك والعبادة والتخلي من الدنيا والبكاء والمـواعظ لأنه أهلها في تزاويهم عن الناس عبرة لمن زارهم ومـوعظة لمن رآهم وانكشف إليه أحـوالهم وأجسامهم المنهـوكة وفرقهم المسحـوقة وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم حين دخلها وسلم على ساكنيها: دار قـوم مؤمنين، وربما دلت على المـوت لأنه داره، وربما دلت على دار الكفار وأهل البدع ومحلة أهل الذمة لأن من فيها مـوتى، والمـوت في التأويل فساد الدين، وربما دلت على دور المستخفين بالأعمال المهلكة والفساد كدور الزناة ودور الخمـور التي فيها السكارى مطرحين كالمـوتى ودور الغافلين الذين لا يصلـون ولا يذكرون الله تعالى ولا ترفع لهم أعمال، وربما دلت على السجن لأن الميت مسجـون في قبره فمن دخل جبانة في المنام وكان مريضاً في اليقظة صار إليها ومات من علته ولا سيما إن كان فيها بيتاً أو داراً، فإن لم يكن مريضاً، فانظر، فإن كان في حين دخوله متخشعاً باكياً بعينه أو تالياً لكتاب الله تعالى أو مصلياً إلى القبلة، فإنه يكـون مداخلأ لأهل الخير وحلق الذكر ونال نسكاً وانتفع بما يراه أو يسمعه، وإن كان حين دخوله ضاحكاً أو مكشـوف السـوأة أو بائلاً على القبـور أو ماشياً مع المـوتى، فإنه يداخل أهل الشر والفسـوق وفساد الدين يخالطهم على ما هم عليه، وإن دخلها بالأذان وعظ من لا يتعظ وأمر بالمعروف من لا يأتمر وقام بحق وشهد بصدق بين قـوم غافلين جاهلين أو كافرين.
ومن رأى المـوتى وثبـوا من قبـورهم أو رجعـوا إلى دورهم مجهـولين غير معروفين، فإنه يخرج من السجن أو يسلم أهل مدينة مشركين أو ينبت ما زرعه الناس من الحب في الأرض مما أيسـوا منه لدوام القحط على قدر ما في زيادة الرؤيا وما في اليقظة من الشـواهد والأمـور الظاهرة الغالبة.
وأما السـور: سـور المدينة المعروف دال على سلطانها وواليها، وأما المجهـول منه فيدل على الإسلام والعلم والقرآن وعلى المال والأمان وعلى الـورع والدعاء وعلى كل ما يتحصن به من سائر الأعداء وجميع الأسـوار من علم أو زوجة أو زوج أو درع أو سيد أو والد أو نحـوهم، فمن رأى سـور المدينة مهدوماً مات واليها أو عزل عن عمله، وإن رآه ماشياً كما يمشي الحيـوان، فإنه يسافر في سلطان إلى الناحية التي مشى عليها في المنام، فإن كان فـوقه سافر معه.
ومن رأى أنه بنى سـوراً على نفسه أو داره أو على مدينته، فانظر في حاله، فإن كان سلطاناً حفظ من عدوه ودفع الأسـواء عن رعيته، وإن كان عالماً صنف في علمه ما فيه عصمة لغيره، وإن كان عبداً ناسكاً حفظ الناس بدعائه ونجا هـو من الفتنة به، وإن كان فقيراً أفاد ما يستغني به أو يتزوج زوجة إن كان عازباً تحصنه وتدفع فتن الشيطان عنه.
وإن رأى سـوراً مجهـولاً وقد تثلم منه ثلم حتى دخل إلى المدينة لصـوص أو أسد، فإن أمر الإسلام يضعف أو العلم في ذلك المكان أو ثلم من أركان الدين ركن، فإن كان ذلك فيما رآه كأنه فيما يخصه وكأنه كان فيه وحده دخل ذلك عليه في دينه أو علمه أو في ماله أو في درعه إن كان في الجهاد أو في عقـوق والد أو والدة.
القلعة: انقلاع من هم إلى فرج، والقلعة ملك من الملـوك يبلغ الملـوك من خير إلى شر، فمن رأى كأنه دخل قلعة رزق رزقاً ونسكاً في دينه.
ومن رأى قلعة من بعيد، فإنه يسافر من مـوضع إلى مـوضع ويرتفع أمره.
ومن رأى أنه بنى حصناً أحصن فرجه من الحرام وماله ونفسه من البلاء والذل.
وإن رأى أنه خرب حصنه أو داره أو قصره فهـو فساد دينه ودنياه أو مـوت امرأته.
ومن رأى أنه في قلعة أو مدينة أو حصن، فإنه يرزق صلاحاً وذكراً ونسكاً في دينه.
وإن رأى قاعد على شرف حسن، فإنه يستعد أخاً أو رئيساً أو والداً ينجـو به، وقيل الحصن رجل حصين لا يقدر عليه أحد، فمن رآه من بعيد، فإنه علـو ذكره تحصين فرجه.
ومن رأى أنه تعلق بحصن من داخله أو خارجه فكذلك يكـون حاله في دينه، وقيل من رأى أنه تحصن في قلعة نصر.
وأما البرج: فمن رأى أنه على برج أو فيه، فإنه يمـوت ولا خير فيه لقـوله تعالى " أينما تكـونـوا يدرككم المـوت ولـو كنتم في بروج مشيدة ".
أما خراب العمران: من رأى الدنيا خربة من المزارع والمساكن، ورأى نفسه في خراب مع حسن هيئة من لباس ومركب، فإنه في ضلالة.
ومن رأى حيطان الدار انهدمت من سيل ماء فهـو مـوت أهلها.
وإن رأى الخراب في محلته، فإنه مـوت يقع هناك.
ومن رأى أنه وثب على بيته فهدمه فهـو مـوت امرأته.
ومن رأى أن بيته سقط عليه وكان هناك غبار فهـو حصبة، وربما كان سقـوط السقف عليه نكبة.
ومن رأى خراباً عاد عمراناً صحيحاً، فإن ذلك صلاح في دين صاحبه ورجـوعه من الضلالة إلى الهدى.
ومن رأى سقـوط شيء من داره أو قصره أو بيته إلى داخل وكان له غائب قدم عليه، وإن كان عنده شيء يخطب إليه خطب من إبنة أو أخت أو غيرهما، وإن هدمت الرياح داراً فهـو مـوت من في ذلك على يد سلطان جائر.
والقناطر: القنطرة المجهـولة تدل على الدنيا سيما إن كانت بين المدينة والجبانة لأن الدنيا تعبر ولا تعمر، وربما دلت على السفن لأنها كالمسافة والسبيل المسلـوك المتـوسط بين المكانين، وربما دلت على السلطان والحاكم والمفتي وكل من يتـوصل الناس به إلى أمـورهم ويجعلـون ظفره جسراً في نـوازلهم، وربما دلت على الصراط لأنه عقبة في المحشر بينه وبين الجنة.
ومن رأى أنه جاز في المنام على قنطرة عبر الدنيا إلى الآخرة سيما إن لقي من بعد عبـوره مـوتى أو دخل داراً مجهـولة البناء والأهل والمـوضع أو طار به طائر أو ابتلعته دابة أو سقط في بئر أو حفير أو صعد إلى السماء كل ذلك إذا كان مريضاً في اليقظة، وإن لم يكن مريضاً نظرت، فإن كان مسافراً بشرته بانقضاء سفره واستدللت كلى ما تقدم عليه بالذي أفضى عليه عند نزول القنطرة من دلائل الخير والغنى أو الشر والفقر، فإن نزل إلى خصب أو تين أو شعير أو تمر أو إمرأة أو عجـوز وصل إلى فائدة ومال، وإن نزل إلى أرض ومسجد نال مراده في سفره إما حج أو غزو أو رباط، وإن تلقته أسد أو حمأة أو جدب أو تبن أو عنب أسـود أو سـودان أو ماء قاطع أو سيل دافق فلا خير في جميع ما يلقاه في سفره أو حين وصـوله إلى أهله، فإن كانت له خصـومة أو عند رئيس حاجة نال منها، ورأى منه فيها ما يدل على جميع ما نزل إليه من خير أو شر.
ومن رأى أنه صار جسراً أو قنطرة، فإنه ينال سلطاناً ويحتاج إليه وإلى جاهه وإلى ما عنده.
الأعمدة: العمـود يدل على كل من يعتمد عليه وما هـو عمدة وعماد ودعامة كالإسلام والقرآن والسنن والفقه والدين والسلطان والفقيه والحاكم والـوالد والسيد والزوج والـوصي والشاهد والزوجة والحال وبمكان العمـود وزيادة المنام وصفات النائم يستدل على تأويل الأمر وحقيقة الرؤيا، فمن رأى عمـوداً قد مال عن مكانه وكاد أن يسقط من تحت بنائه، فإن كان في الجامع الأعظم، فإن رجلاً من رجال السلطان ينافق عليه أو يهم بالخروج عن طاعته أو عن مذهبه أو رجلاً من العلماء أو الصلحاء يحـور عن علمه ويميل عن استـوائه لفتنة دخلت عليه أو بلية نزلت به، وإن كان في مسجد من مساجد القبائل، فإنه إمامه أو مؤذنه أو من يعمره ويخدمه، وإن كان في داره ومسكنه، فإن كان صاحب الرؤيا عبداً فالعمـود سيده يتغير عليه ويبدو إليه منه ما يكره ويخافه إذا كان قد خاف منه في المنام من سقـوطه عليه، وإن كان إمرأة فالعمـود زوجها، وإن كان رجلاً فالعمـود والده وسقـوط العمـود مرض المنسـوب إليه أو هلك إن كان مريضاً، وكذلك إن ارتفع إلى السماء فغاب فيها أو سقط في بئر أو حفير فلم ير، وإن كان العمـود من أعمدة الكنائس فالمنسـوب فيما جرى عليه كافر أو مبتدع كالرهبان والشمامسة ورؤوس البدع.
المساجد: المسجد يدل على الآخرة لأنها تطلب فيه كما تدل المزبلة على الدنيا وتدل على الكعبة لأنها بيت الله وتدل على الأماكن الجامعة للرياح والمنفعة والثواب والمعاونة كدار الحاكم وحلقة الذكر والمـوسم والرباط وميدان الحرب والسـوق لأنه سـوق الآخرة، ثم يدل كل مسجد على نحـوه في كبره واشتهاره وجـوهره.
ومن رأى أنه بنى مسجداً في المنام، فإن كان أهلاً للقضاء ناله، وكذلك إن كان مـوضعاً للفتـوى، وقد يدل في العالم على مصنف نافع تصنيفه وفي الـوراق على مصحف يكتبه وفي العازب على نكاح وتزويج ولطلاب المال والدنيا على بناء يبنيه تجري عليه غلته وتدوم عليه فائدته كالحمام والفندق والحانـوت والفرن والسفينة وأمثاله ذلك لما في المسجد من الثواب الجاري مع كثرة الأرباح فيه في صلاة الجماعة ومجيء الناس إليه من كل ناحية ودخولها فيه بغير إذن.
ومن كان في يقظته مؤثراً للدنيا وأمـوالها أو كان مؤثراً لآخرته على عاجلته عادت الأمثال الرابحة إلى الأرباح والفـوائد في الدنيا له أو إلى الآخرة والثواب في الآجلة التي هي مطلبه في يقظته.
ومن رأى أنه هدم مسجداً، فإنه يجري في ضد من بناه وقد يستدل على ابتذال حالته بالذي يبنيه في مكانه أو يحدثه في مـوضعه من بعد هدمه، فإن بنى حانـوتاً آثر الدنيا على الآخرة، وإن بنى حماماً فسد دينه بسبب امرأة، وإن حفر في مكانه حفيراً أثم من مكر مكره أو من أجل جماعة فرقها عن العلم والخير والعمل أو من أجل حاكم عزله أو رجل صالح قتله أو مكان فيه من عطلة أو نكاح معقـود أفسده وأبطله.
وإن رأى نفسه مجرداً من الثياب في مسجد تجرد فيما يليق به من دلائل المسجد، فإن كان ذلك في أيام الحج، فإنه يحج إن شاء الله سيما إن كان يؤذن فيه، وإن كان مذنباً خرج مما هـو فيه إلى التـوبة والطاعة، وإن كان يصلي فيه على غير حالة إلى غير القبلة بادي السـوأة، فإنه يتجرد إلى طلب الدنيا في سـوق من الأسـواق ومـوسم من المـواسم فيحرم فيه ما أمله ويخسر فيه كل ما قد اشتراه وباعه لفساد صلاته وخسارة تعبه، وقد يدل ذلك على فساد ما يدخل عليه في غفلته من الحرام والربا إن لاق ذلك به.
وأما المسجد الحرام: فيدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن، وإن لم يكن ذلك في أيام الحج بجـوهره في ذلك ودليله لأن الكعبة التي إليها الحج فيه، وقد تدل على دار السلطان المحرمة ممن أرادها التي يأمن من دخلها وعلى دار العالم وعلى جامع المدينة وعلى السـوق العظيم الشأن الكبير الحرام كسـوق الصرف والصاغة لكثرة ما يجب فيها من التحري وما يدخل على أهلها من الحرام والنقص والإثم، وكذلك كل الحرام بما الإنسان فيه مطلـوب بالمحفظ من إتيان المحرمات، ومن التعدي على الحيـوانات، ومن إماطة الأذى.
وأما جامع المدينة: فدال على أهلها وأعاليه رؤساؤها وأسافله عامتها وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك ومحرابه إمام الناس ومنبره سلطانهم أو خطيبهم وقناديله أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط، وأما حصره فأهل الخير والصلاح وكل من يجتمع إليه ويصلي فيه، وأما مئذنته فقاضي المدينة أو عالمها الذي يدعي الناس إليه ويرضى بقـوله ويقتضى بهديه ويصار إلى أوامره ويستجاب لدعـوته ويؤمن على دعائه، وأما أبـوابه فعمال وأمناء وأصحاب شرط وكل من يدفع عن الناس ويحفظهم ويحفظ عليهم، فما أصاب شيئاً من هذه الأشياء أو رأى فيه من صلاح أو فساد عاد تأويله على من يدل عليه خاصة أو عامة.