سمعت أبا الفضل أحمد بن عمران الهروي بمكة حرسها الله تعالى، قال سمعت أبا بكر بن القاري يقـول: سمعت أبا بكر جعفر بن الخياط الشيخ الصالح يقـول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النـوم جالساً معه جماعة من الفقراء
متسمين بالتصـوف فإذا بالسماء قد انشقت فنزل جبريل ومعه ملائكة بأيديهم الطسـوت والأباريق فكانـوا يصبـون الماء على أيدي الفقراء ويغسلـون أرجلهم، فلما بلغـوا إلي مددت يدي، فقال بعضهم لبعض: لا تصبـوا الماء على يديه، فإنه ليس منهم فقلت يا رسـول الله، فإن كنت لست منهم، فإني أحبهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن مع من أحب فصب الماء على يدي حتى غسلتهما.
قال الأستاذ أبـو سعيد رضي الله عنه: رؤية الملائكة في النـوم إذا كانـوا معروفين مستبشرين يدل على ظهـور شيء لصاحب الرؤيا وعز وقـوة وبشارة ونصرة بعد ظلم أو شفاء بعد مرض أو أمن بعد خوف أو يسر بعد عسر أو غنى بعد فقر أو فرج بعد شدة، وتقتضي أن يحج صاحبها أو يغزو فيستشهد.
وإن رأى كأنه يعادي جبريل وميكائيل أو يجادلهما، فإنه في أمر يحل به نقمة الله تعالى من ساعة إلى ساعة وكان رأيه مـوافقاً لرأي اليهـود نعـوذ بالله.
وإن رأى أنه أخذ من جبريل طعاماً، فإنه يكـون من أهل الجنة إن شاء الله، وإن رآه حزيناً مهمـوماً أصابته شدة وعقـوبة لأنه ملك العقـوبة.
ومن رأى ميكائيل عليه السلام، فإنه ينال مناه في الدارين إن كان تقياً، وإن لم يكن تقياً فليحذر.
وإن رآه في بلدة أو قرية مطر أهلها مطراً عاماً وأرخصت الأسعار فيها، فإن كلم صاحب الرؤيا أو أعطاه شيئاً، فإنه ينال نعمة وسروراً لأنه ملك الرحمة.
ومن رأى إسرافيل عليه السلام محزونا ينفخ في الصـور وظن أنه سمعه وحده دون غيره، فإن صاحب الرؤيا يمـوت، فإن كان يظن أن أهل ذلك المـوضع سمعـوه ظهر في ذلك المـوضع مـوت ذريع، وقيل إن هذه الرؤيا تدل على انتشار العدل بعد انتشار الظلم وعلى هلاك الظلمة في تلك الناحية.
ومن رأى ملك المـوت عليه السلام مسروراً مات شهيداً.
وإن رآه باسراً ساخطاً مات على غير تـوبة.
ومن رأى كأنه يصارعه فصرعه مات، فإن لم يكن صرعه أشفى على المـوت ثم نجاه الله، وقيل من رأى ملك المـوت طال عمره.
وحكي عن حمزة الزيات قال: رأيت ملك المـوت في النـوم فقلت يا ملك المـوت نشدتك بالله هل ذلي عند الله من خير قال نعم وآية ذلك أنك تمـوت بحلـوان فمات بحلـوان.
وإن رأى كأن ملكاً من الملائكة يبشره بابن رزق ابناً عالماً رضياً وجيهاً لقـوله تعالى " إن الله يبشرك بكلمة منه " الآية، وقـوله " إنما أنا رسـول ربك لأهب لك غلاماً زكياً ".
وإن رأى ملائكة بأيديهم أطباق الفـواكه خرج من الدنيا شهيداً.
وإن رأى أن ملكاً من الملائكة دخل عليه داره فليحذر دخول اللص داره.
وإن رأى كأن ملكاً أخذ منه سلاحه، فإنه تذهب قـوته ونعمته، وربما فارق امرأته.
وإن رأى كأن الملائكة في مـوضع وهـو يخافهم وقع في ذلك المـوضع فتنة وحرب.
وإن رأى كأن الملائكة في مـوضع حرب ظفر بالأعداء، وإن رآهم راكعين بين يديه أو ساجدين له نال أمانيه وعلا ذكره وأمره.
وإن رأى أنه يصارع ملكاً نال هماً وذلاً بعد العز.
وإن رأى مريض كأن ملكاً يـواقع ملكاً قرب مـوته.
وإن رأى كأن الملائكة هبطت من السماء إلى الأرض على هيئتها فذلك دليل على عز أهل الحق وذل أهل الباطل ونصرة المجاهدين.
وإن رآهم على صـورة النساء، فإنه يكذب على الله تعالى لقـوله تعالى " أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً إنكم لتقـولـون قـولاً عظيماً ".
وإن رأى أنه يطير مع الملائكة أو يصعد معهم إلى السماء ولا يرجع نال شرفاً في الدنيا ثم يستشهد.
وإن رأى كأنه ينظر إلى الملائكة أصابته مصيبة لقـوله تعالى " يـوم يرون الملائكة لا بشرى يـومئذ للمجرمين ".
وإن رأى كأن الملائكة يلعنـونه فذلك دليل على وهن دينه.
وإن رأى كأن الملائكة يضجـون خرب بيته ومسكنه.
وإن رأى رهطاً من الملائكة في بلد أو محلة أو قرية، فإنه يمـوت هناك عالم أو زاهد أو يقتل رجل مظلـوم أو تهدم دار على قـوم.
وإن رأى كأن ملائكة يصنعـون مثل صناعته دل ذلك على ارتفاقه بصناعته.
وإن رأى ملكاً يقـول له اقرأ كتاب الله تعالى، فإن كان رجلاً من أهل الخير أصاب شرفاً، وإن لم يكن من أهل الخير فليحذر لقـوله تعالى " اقرأ كتابك كفى بنفسك اليـوم عليك حسيباً ".
وإن رأى الملائكة في مـوضع على خيل هلك هناك جبار.
ومن رأى الكرام الكاتبين نال السرور والفرح في الدنيا والآخرة ورزق حسن الخاتمة إن كان من أهل الصلاح وإلا خيف عليه لقـوله تعالى " كراما كاتبين يعلمـون ما تفعلـون ".
وقد قال بعض أهل العلم: إن رؤية الملك في صـورة شيخ دليل على الزمان الماضي، ورؤيته في صـورة الشبان دليل على الزمان الحاضر ورؤيته في صـورة صبي دليل على الزمان المستقبل.
ومن رأى كأنه صار في صـورة ملك، فإن كان في شدة نال الفرج، وإن كان في رق أعتق، وإن كان شريفاً نال رياسة، وإن كان مريضاً دلت هذه الرؤيا على مـوته.
ومن رأى كأن الملائكة يسلمـون عليه أتاه الله بصيرة في حياته وختم له بالخير.
وحكي أن شمـويل اليهـودي التاجر رأى في منامه وكان في سفر كأن الملائكة يصلـون عليه فسأل معبراً، فقال إنك تدخل في دين الله وشريعة رسـوله صلى الله عليه وسلم لقـوله تعالى " هـو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النـور ". فأسلم وهداه الله وكان سبب إسلامه أنه وارى رجلاً مديـوناً فقيراً عن غريم له كان يطلبه.