أخبرنا الحسن بن بكير بعكا قال حدثنا أبـو يعقـوب إسحق بن إبراهيم الأذرعي عن عبد الرحمن بن واصل عن أبي عبيد التستري قال: رأيت كأن القيامة قد قامت وقد اجتمع الناس فإذا المنادي ينادي:
أيها الناس من كان من أصحاب الجـوع في دار الدنيا فليقم إلى الغداء، فقام الناس واحداً بعد واحد ثم نـوديت يا أبا عبيد قم فقمت وقد وضعت المـوائد فقلت لنفسي: ما يسرني أتى، ثم أخبرنا أبـو الحسن الهمذاني بمكة حرسها الله قال حدثنا محمد بن جعفر عن أحمد بن مسروق محال: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت والخلق مجتمعـون إذ نادى مناد الصلاة جامعة فاصطف الناس صفـوفاً فأتاني ملك عرض وجهه قدر ميل في طـول مثل ذلك قال تقدم فصل بالناس فتأملت وجهه فإذا بين عينيه مكتـوب جبريل أمين الله فقلت فأين النبي صلى الله عليه وسلم، فقال هـو مشغـول بنصب المـوائد لإخوانه من الصـوفية وذكر الحكاية.
قال الأستاذ أبـو سعيد رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى " ونضع المـوازين القسط ليـوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً ". فمن رأى كأن القيامة قد قامت في مكان، فإنه يبسط العدل في ذلك المكان لأهله فينتقم من الظالمين هناك وينصر المظلـومين لأن ذلك يـوم الفصل والعدل.
ومن رأى كأنه ظهر شرط من أشراط الساعة بمكان مثل الطلـوع بمكان الشمس من مغربها وخروج دابة الأرض أو الدجال يأجـوج ومأجـوج، فإن كان عاملاً بطاعة الله عز وجل كانت رؤياه بشارة له، وإن كان عاملاً بمعصية الله أو هاماً بها كانت رؤياه له نذيراً.
وإن رأى كأن القيامة قد قامت وهـو واقف بين يدي الله عز وجل كانت الرؤيا أثبت وأقـوى وظهـور العدل أسرع وأوحى.
وكذلك إن رأى في منامه كأن القبـور قد انشقت والأمـوات يخرجـون منها دلت رؤياه على بسط العدل.
وإن رأى قيام القيامة وهـو في حرب كان ذلك نصر له.
وإن رأى أنه في القيامة دلت رؤياه على سفراً.
وإن رأى كأنه حشر وحده أو مع واحداً آخر دلت رؤياه على أنه ظالم لقـوله تعالى " احشروا الذين ظلمـوا وأزواجهم ".
وإن رأى كأن القيامة قد قامت عليه وحده دلت رؤياه على مـوته لما روي في الخبر أنه من مات قامت قيامته.
وإن رأى القيامة قد قامت وعاين أهـوالها ثم رأى كأنها سكنت وعادت إلى حالها، فإنها تدل على تعقب العدل والظلم من قـوم لا يتـوقع منهم الظلم، وقيل إن هذه الرؤيا يكـون صاحبها مشغـولاً بارتكاب المعاصي وطلب المحال مسـوقاً بالتـوبة أو مصراً على الكذب لقـوله تعالى " ولـو ردوا لعادوا لما نهـوا عنه وإنهم لكاذبـون ".
ومن رأى كأنه قرب من الحساب، فإن رؤياه تدل على غفلته عن الخير وإعراضه عن الحق لقـوله تعالى " اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضـون ".
وإن رأى كأنه حـوسب حساباً يسيراً دلت رؤياه على شفقة زوجته عليه وصلاحها وحسن دينها.
وإن رأى كأنه حـوسب حساباً شديداً دلت رؤياه على خسران يقع له لقـوله تعالى " فحاسبناها حساباً شديداً ".
وإن رأى كأن الله سبحانه وتعالى يحاسبه وقد وضعت أعماله في الميزان فرجحت حسناته على سيئاته، فإنه في طاعة عظيمة ووجب له عند الله مثوبة عظيمة، وإن رجحت سيئاته على حسناته، فإن أمر دينه مخوف.
وإن رأى كأن الميزان بيده، فإنه على الطريقة المستقيمة لقـوله تعالى " وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ".
وإن رأى كأن ملكاً ناوله كتاباً، وقال له اقرأ، فإن كان من أهل الصلاح نال سروراً، وإن لم يكن كان أمره مخوفاً لقـوله تعالى " اقرأ كتابك ".
وإن رأى أنه على الصراط، فإنه مستقيم على الدين.
وإن رأى أنه زال عن الصراط والميزان والكتاب وهـو يبكي، فإنه يرجى له إن شاء الله تسهيل أمـور الآخرة عليه.